لا يخفى على أحد أن أسماء الإشارة تُعتبر من المفاهيم الأساسية التي يتناولها علم النحو في اللغة العربية، وسنقوم بالتعمق في هذا الموضوع بشكل موسع من خلال المحتوى المقدّم. إن علم النحو يُعد بمثابة الأداة الرئيسة لفهم اللغة العربية، وقد قال أحد الشعراء عن هذا العلم:
النحو يسهل لسان الألكن، ويُعلي من شأن الإنسان إذا لم يلحن
وإذا طُلب تأجيل بعض العلوم، فإن علينا أن نؤجلها ما دام هناك من يقيم ألسنة المتعلمين.
بينما ذكر الأصفهاني أهمية علم النحو بقوله:
إن النحو يعد من أشرف العلوم، ولذا كنت أُحب النحو
فالنحوي يُشبه بشهاب ساطع في ظلام الليل.
القرآن الكريم يتدفق من لسانه كما تتدفق الدرة من جوف الصدف.
تبرهن الأبيات السابقة على قيمة علم النحو ومنزلة علماء النحو ضمن معايير اللغة العربية، حيث يُعتبر القرآن الكريم مصدراً أساسياً لقواعد اللغة، خاصةً القواعد النحوية، ومن بينها أسماء الإشارة.
محتويات
أسماء الإشارة جميعها
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوائل من عشق اللغة العربية وعلومها المختلفة، خصوصاً علم النحو، إذ كان يقول: “أعربوا الكلام كي تعربوا القرآن”، وأيضاً: “رحم الله امرأ أصلح لسانه”. تُعتبر أسماء الإشارة من الركائز الأساسية للغة العربية، ولذلك تُدَرَّس للطلاب في مراحل الدراسة الأولية لأنها من المبادئ الأساسية في علم النحو.
- لنبدأ بتوضيح أسماء الإشارة جميعها، والتي تتضمن: هذا، هذه، هذان، هاتان، هؤلاء، هنا، هناك، ذلك، تلك، وأولئك.
- يطلق علماء النحو على أسماء الإشارة مصطلح “الذي تشير إليه بيدي”، وهو مستمد من الفعل “يشير”، حيث تُستعمل إشارة السبابة للدلالة على المشاورة.
- يقول الله تعالى في الآية 29 من سورة مريم: “يشير إليها”، ليعكس فكرة الإيماء بالأعضاء تواصلًا أو مشاورة.
- يُصنَّف الإشارة كفن من فنون البلاغة، لما يحمله من معانٍ عميقة لدى البلاغيين.
- يعد قدامة بن جعفر أن المضمون اللغوي لأسماء الإشارة يدل على اللفظ القليل الذي يحمل معاني كبيرة، وتكون دلالته من خلال إشارة اليد أو الحركة.
- تُعرَف أسماء الإشارة بأنها كل ما يُستعمل للإشارة إلى شيء معين من خلال إشارة حسية أو معنوية.
- يعتقد عدد من علماء النحو أن أسماء الإشارة جميعها تُعتبر أسماءً غامضة.
- تصنف أسماء الإشارة إلى أنواع تشير إلى القريب، والبعيد، والمكان؛ حيث تشمل أسماء الإشارة للقريب: هذا، هذه، هذان، هاتان، هؤلاء، وللزمان البعيد: ذلك، تلك، أولئك، بينما تشمل أسماء الإشارة للمكان: هنا، وهناك.
- يمكن تقسيم أسماء الإشارة إلى فئات متعددة، مثل المفرد المذكر والمؤنث، والمثنى، والجمع المذكر والمؤنث، وأسماء الإشارة للبقاع.
أسماء الإشارة للمفرد
توجد أسماء إشارة تعبر عن كل من المفرد المذكر والمؤنث، وسنبدأ الآن بنوع المفرد المذكر.
- يقول ابن مالك في الألفية: إن استخدام “ذا” هو دلالة على إشارة المفرد المذكر، مما يعني كونها تشير إلى كائن مذكر محدد.
- أيضاً، يعد اسم الإشارة “هذا” من أسماء الإشارة للمفرد المذكر، كما في المثال: هذا زيد، هذا عمر.
- قال لبيد بن ربيعة في أحد قصائده: لقد تعبت من طول الحياة والسؤال المتكرر: كيف حالك؟
- استخدم لبيد بن ربيعة صيغة الجمع لأغراض شعرية، وهذا يُظهر كيفية التسامح مع قواعد النحو في بعض الحالات من أجل الحفاظ على التوازن الشعري.
- كما يمكن رؤية استخدام اسم الإشارة “هذا” في القرآن الكريم، في قوله تعالى في سورة إبراهيم: “فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي”.
- جاء أيضًا في قوله: “ذلكم الله”، مما يدل على تعظيم الشيء البعيد.
- أما بالنسبة لاسم الإشارة للمفرد المؤنث فهو: هذه، ذي، ذه، ذِه، ذات، تا، ته.
- فيقول الفراء: بفضل الله ونعمته، وبالكرامة التي أكرمكم الله بها.
- وافتتح ابن مالك في الألفية حول الإشارة إلى المؤنث بقوله: بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر.
أسماء الإشارة للمثنى
تُقسم أسماء الإشارة كذلك إلى المثنى، مثل هذان وهاتان، وذان، وذين، وتان، وتين.
- يقول ابن مالك في الألفية: يُشير “ذان” و”تان” المرتفعان، وفي سواهما “ذين” و”تين” تذكر تطع.
- تستخدم أسماء الإشارة “ذان” في حالة الرفع، و”ذين” في حالات النصب والجر عندما نشير إلى المثنى المذكر.
- تتعدد أسماء المناداة للمثنى المؤنث “تان” باختلاف حالات الرفع أو النصب والجر.
أسماء الإشارة للجمع
أما بالنسبة لأسماء الإشارة للجمع، فإن ابن مالك في الألفية يشير:
- إلى أن الجمع يشير إلى الجمع بشكل عام، سواء كان جمعًا مذكرًا أو مؤنثًا، ويدعى “أولى”.
- ويؤكد جلال الدين السيوطي في تفسيره لابن مالك بقوله: وبأولى لمطلق من الجمع.
- تُستخدم “أولى” للإشارة إلى الجمع العاقل بشكل أكبر مقارنةً بالجمع غير العاقل، كما ورد في قوله تعالى في سورة لقمان: “أولئك على هدى الله من ربهم وأولئك هم المفلحون”.
- حيث يتم استخدام هذا الاسم للإشارة إلى الجمع النسائي غير العاقل، كما في الآية 140 من سورة آل عمران: “وتلك الأيام نداولها بين الناس”.
أسماء الإشارة للمكان
يُعرف ابن مالك أسماء الإشارة للمكان بقوله: إن كلمة “هنا” تشير إلى المكان القريب، في حين تُستخدم الكاف و”هُنالك” للدلالة على الشيء البعيد أو العرض.
- يعتبر رأي ابن مالك موضحًا لتصنيف أسماء الإشارة للأماكن، حيث تُشير “هنا” أو “ههنا” إلى المكان القريب.
- أما المكان البعيد فيُشار إليه بـ “هناك” أو “هنالك” أو “ثم”.
- يرى بعض العلماء أن أسماء الإشارة للشيء القريب هي هنا أو ههنا، بينما اسم الإشارة للشيء البعيد هو هنالك.
أمثلة على أسماء الإشارة من القرآن الكريم
يُعتبر القرآن الكريم مرجعًا أساسيًا في فهم اللغة العربية وقواعدها النحوية والبلاغية، وفيما يلي بعض الأمثلة على أسماء الإشارة من القرآن الكريم:
- قوله تعالى في سورة سبأ، الآية 43: “وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا: ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم، وقالوا: ما هذا إلا إفك مفترى، وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم: إن هذا إلا سحر مبين”.
- قوله تعالى في سورة البقرة، الآية 2: “ذاك الكتاب لا ريب فيه”.
- قوله تعالى في سورة هود: “إن في ذلك آية لمن يخاف عقاب الآخرة، وذلك يوم تجتمع له الناس ويشهدون ذلك”.
- قوله تعالى في سورة البقرة: “يتم تذكير كل من يؤمن بالله واليوم الآخر بهذا الأمر”.
- قوله في سورة الإسراء: “الآية تحث على عدم الوقوف عند ما ليس لنا به علم، فإن السمع والبصر والفؤاد كلها ستسأل عن أفعالنا”.
- قوله تعالى في سورة الحديد: “من يقرض الله قرضًا حسنًا يُضاعفه له”.
- قوله في سورة الحشر: “لو أنزلنا هذا القرآن”.
- قوله في سورة القصص: “قالوا ما هذا إلا سحر”.
- قوله في سورة الأعراف: “إذا جاءتهم الحسنه قالوا: لنا هذه”.
- قوله في سورة الحج: “هذان خصمان اختصموا في ربهم”.
- قوله في سورة القصص: “أريد أن أقترنك بإحدى ابنتي هاتين”.
أعراب أسماء الإشارة
عادةً يتم إعراب أسماء الإشارة وفقًا لموقعها في الجملة والسياق الذي تنتمي إليه، المركبات التي تسبقها أيضًا تؤثر على الإعراب.
- تكون كل أسماء الإشارة مبنية باستثناء أسماء الإشارة للمثنى (ذان) و(تان)، حيث تُعتبر أسماء مُعربة وليست مبنية، في حالة الرفع يُعرف المثنى بالألف، وفي حالتي النصب والجر يُعرب بالياء.
- اسم الإشارة للمكان (هنا) يُبنى على السكون ويُعتبر في محل نصب على الظرفية.
من خلال الأمثلة المستخلصة من آيات القرآن الكريم، تمكنا من تسليط الضوء على معاني جميع أسماء الإشارة.