الأم هي رمز الرعاية والحنان، تجسد العطاء غير المحدود، وتعتبر دليلاً لنا على طريق الإيمان وراحة النفس. تمثل الأمن والطمأنينة في حياتنا، هي شعلة النور التي تضيء أيامنا، ونبع الحنان الذي لا ينضب. الأم هي تجسيد للحب الحقيقي الذي يعكس علاقة الإنسان بخالقه، وهي ملاذنا الأول في السراء والضراء. لا يمكننا أن نحصر ما تستحقه الأم من بر وتكريم في كلمات، فهي تستحق كل جميل لكن يمكن اختصار ذلك في كلمة واحدة: النقاء. كلمة الأم، التي تعني “الأم لكل شيء”، تمثل مصدراً للإحسان وعمق الرحمة والشعور، حيث تزرع الرحمة في نفوس الأجيال. قد ورد في القرآن الكريم ذكر النبي هارون عليه السلام الذي يستجد بخاطره إلى أمه في موقف صعب، وهو ما يعكس مكانة الأم العظيمة في قلوب أبنائها.
محتويات
حقوق الآباء والأمهات على الأبناء
لا يُستطاع لأحد أن ينكر أو يصف حقوق الآباء والأمهات على أبنائهم. حتى لو سعى الأبناء لتقدير ما قام به الأهل من تضحيات، فإن تلك الحقوق تفوق الوصف، خاصة من جانب الأم التي تكبدت عناء الحمل والولادة والرضاعة. لقد أُقيم عيد الأم في 21 مارس تكريماً للأمهات، حيث يقدم الأبناء الهدايا تعبيراً عن امتنانهم. لكن الإسلام لم يحدد يوماً معيناً لتكريم الأم، بل وجب علينا أن نستمر في برها ورعايتها في كل لحظة. وفي الواقع، يُمكن لهذا اليوم أن يكون مليئًا بالألم في قلوب العديد من المسلمين؛ من فقد أمه، وآخر يشتاق إليها، وآخر يحزن على فراقها. لذا، فإن تقديم الدعاء لها بالرحمة والغفران هو أفضل طريقة للاحتفاء بها، فهذه الأعمال تمنح السلام والرضا للرحل.
لم يكرم التاريخ أي دين المرأة بمكانة الأم كما فعل الإسلام. حيث جعل البر بالأم من أعظم الفضائل وأعطى حقوقها الأولوية، برفقة المشاق التي تتحملها. وهذا ما أكدته العديد من الآيات القرآنية التي عززت مكانة الأم في نفوس الأبناء، حيث تُعلمهم أهمية الإحسان إليها.
يحظر الإسلام العقوق للأم ويأمر بمعاملتها بالحسنى. وإظهار البر لها يعني احترامها وتقديرها والامتثال لطلباتها في الأمور المشروعة. فالواجب علينا أن نسعى لإرضائها، حتى في الأمور المهمة مثل الجهاد، حيث يجب أخذ إذنها.
آيات قرآنية تتعلق بالأم :
قال الله تعالى:
- أمر الناس بالإحسان إلى الوالدين، وعليهم أن يتجاوزوا عن الأخطاء ويشكروا الأمهات على تحملهم عناء الحياة (الأحقاف: 15).
- ”حُرمت عليكم أمهاتكم” (النساء: 23).
- بيّن الله مكانة المرأة في الأسرة بقوله: “الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن إلا أمهاتهم” (المجادلة: 2).
- قال تعالى: “يوم يهرب المرء من أخيه وأمه وأبيه…” (عبس: 34-36).
- يحظر تناول الطعام من بيوت الوالدين إلا إذن (النور: 61).
- تظهر الآيات كيف أن رضا الله مرتبط برضا الوالدين.
- ”ما كان أبوك امرأ سُوء وما كانت أمك بغياً” (مريم: 28).
الأم التي تحملت
حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على أهمية الإحسان للأم، فهي أكثر الأشخاص شفقة وعطفًا، وتستحق أفضل المعاملة. وقد أكد الإسلام حق الأم أكثر من الأب، لأن معاناة الحمل والولادة تؤكد ذلك. وهذا ما تم التأكيد عليه في القرآن وقصص الأنبياء.
عندما يُسأل عن أحق الناس بحسن المعاملة، يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم دائماً بأن الأم تحتل المرتبة الأولى. ويأتي ذلك في حديث مشهور حيث كرر النبي اسم الأم ثلاث مرات ثم ذكر الأب مما يُظهر مكانتها في المجتمع.
أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأم :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الجنة تحت أقدام الأمهات” جاعلاً المصاحبة والأدب معهن واجباً.
- تحدث النبي عن فضل الأم عند رغبته الجهاد، موضحًا أن برها يعتبر جهادًا.
- أشار عبد الله بن مسعود إلى أن بر الوالدين يأتي بعد الصلاة في الأهمية.
- أوضح النبي أن رضا الله مشروط برضا الوالدين.
- تحدثت أسماء بنت أبي بكر عن ضرورة الاحتفاظ بصلة رحم الأم حتى وإن كانت مشركة.
- ذكر النبي أن الأم هي الأحق بالأبناء، في ضوء التفاني الذي تقدمه لهم.
كيف احتفى الإسلام بالأمومة
أولى الإسلام اهتمامًا خاصًا للأمومة وجعل حقوقها وأحوالها في المقدمة. وقد أكد الدين الإسلامي على حقوق الأم المطلقة بحضانة الأبناء. ونرى الأم التي تدافع عن أولادها، تربيهم على الفضائل وتعليمهم كيفية التمسك بمبادئ الحق.
من النماذج الرائعة للأمهات المثاليين في القرآن نجد مريم وأم موسى، حيث تم تكريمهما في آيات عديدة، ليكون دليلاً على أهمية دور الأم في كونها قدوة للأجيال القادمة.
فمن يُطيع الأمهات ويبرهن على اهتمامه بهن، فإن ذلك ينعكس على راحته النفسية وسعادته في الدنيا والآخرة، ومن هنا عند حسن صلة الأم فإن ذلك يرفع مكانة الإنسان عند الله.