تُعتبر فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتان من سورة آل عمران مصادر تشريعية ثانوية تُضاف إلى القرآن الكريم، وهي جزء من السنة النبوية التي توجه مسارات حياتنا. ومع تقدم الزمن بعد عصر النبي، واستخدام أسلوب العنعنة في نقل الأحاديث، قد يظهر بعض الأحاديث ضعيفًا أو غير صحيح. لذا، يُفضل الاعتماد على موسوعة موثوقة للتحقق من صحة الأحاديث، بما في ذلك الحديث الذي سنستعرضه بعد قليل.
ما صحة الحديث بشأن فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآيتين من آل عمران؟
وروي عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، والآيتين من آل عمران: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وقل اللهم مالك الملك إلى قوله: وترزق من تشاء بغير حساب، هذه الآيات تكون معلقة بينها وبين الله عز وجل حجابا، عندما أراد الله أن ينزلها، تعلقن بالعرش وتقولن: ربنا، تهبطنا إلى أرضك، وإلى من يعصيك.
فقال الله عز وجل: بي حلفت، لا يقرأهن أحد من عبادي بعد كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه على ما كان منه، وإلا أسكنته حظيرة القدس، وإلا نظرت إليه بعيني المكنونة كل يوم سبعين نظرة، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة، وأدناها المغفرة، وإلا عصمته من كل عدو ونصرته منه، ولا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت.
تباينت آراء الفقهاء حول صحة هذا الحديث، فقد اعتبره بعضهم حديثًا ضعيفًا، حيث نُقل عن الحارث بن عمير، المعروف بالبغوي. كما أشار الجورقاني في كتابه “الأباطيل والمناكير” إلى أن هذا الحديث باطل. وزعم ابن خزيمة أنه لا يوجد له أصل في السنة النبوية، وذكره ابن حبان في كتاب “المجروحين” باعتباره من الأحاديث الموضوعة. وقد اتفق معه ابن سني في “عمل اليوم والليلة” على عدم صحته، بينما إدراجه في “الموضوعات” من قِبل ابن جوزي يعزز وجهة النظر هذه. أيضًا، ذُكر هذا الحديث في كتاب “فضائل القرآن” للمستغفري.
بناءً على ما سبق، يمكن التأكيد على أن هذا الحديث موضوع لسببين رئيسيين: الأول هو غياب سند صحيح يربط الحديث بالنبي صلى الله عليه وسلم، والثاني هو اتهام الحارث بن عمير بأنه المصدر الذي أفتى بهذا الحديث.
لذلك، يُستحسن تجنب تكرار الأحاديث النبوية أو الاعتماد عليها دون التحقق من صحتها.