يتناول هذا الحديث أهمية الأضحية وفضلها، موضحًا بعض التفاسير المرتبطة بها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان له القدرة على الأضحية ولم يضح فلا يقربن مصلانا” [رواه أحمد عن أبي هريرة]. في هذا السياق، ذهب الفقهاء من مذهب الأحناف إلى أن الأضحية تعتبر واجبة، استنادًا إلى تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم اقتراب من لم يقم بالأضحية من صلاة العيد. لذا، تُعد الأضحية من أعظم شعائر المسلمين في عيد الأضحى، وهي فرض على المسلم البالغ العاقل المقيم ذو القدرة المالية. ولا يشترط على المسافر القيام بالأضحية، وأن من يُسمى موسرًا هو من يستطيع القيام بها لكنه لم يفعل ذلك في العيد.
محتويات
أهمية الأضحية
- يرى العلماء أن إطعام الطعام يعد من أرقى أساليب الإنفاق، فالأشخاص المثقلون بالديون قد يفضلون سدادها على تخصيص المال لشراء الطعام لأطفالهم، لكن عندما يُقدم الطعام، فإنه سيفيد بشكل أكيد الأطفال الجياع، وهو ما يجعل إطعام الطعام أكثر فائدة من صرف المال في شراءه.
- إطعام الآخرين يُعتبر عملًا نبيلًا يساهم في دعوة الناس إلى الله، فالأشخاص الذين يؤمنون عادة بحاجة إلى من يدعوهم، ولكن من لا يصلي أو يحضر مجالس العلم قد يكونون أكثر انفتاحًا عند تلقي الدعوة لتناول الطعام، مما يتيح لهم فرصة التعرف على الدين.
- وعندما يقدّم المؤمن الطعام، ينبغي أن تكون نيته جمع الناس لطاعة الله، آملاً في بركة الله في رزقه. بينما إذا قام الكافر بدعوة الناس، يكون الهدف عادة إظهار ثروته وفخامته، مما يشكل فارقًا كبيرًا بين المؤمن والكافر في نية الإهداء. لذا، يُعتبر تقديم اللحم من قبل المؤمن أفضل من دفع قيمته المالية.
وقد جاء في صحيح الترمذي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله عز وجل من هراقة دم” مما يشير إلى دم الأضحية. وتأتي الأضاحي يوم القيامة بأشكالها الكاملة:
وسيأتي يوم القيامة الأضاحي بقرونها وأظلافها وأشعارها، وأن الدم يقع عند الله تعالى قبل أن يسقط على الأرض، لذا فطورها بنفسك مُعتبر. [رواه الترمذي عن عائشة]
أمر رسولنا الكريم بإجراء أضحية، لكن الشرط الأساسي أن يكون المضحي مسلمًا، حرًا، بالغًا، عاقلًا، مقيمًا وغير مسافر، وقادرًا على تحمل التكاليف.
عن أنس رضي الله عنه قال: “ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين مالحين، رأيته وهو يضع قدمه على صفائحهما ويسمي ويكبر ثم ذبحهما بيده.”
الأضحية واجبة على كل مسلم موسر، ويمتاز المضحي بقدرته على تناول جزء من الأضحية، وتوزيعها على الأهل والأصدقاء، وليس من الضروري أن تهدى فقط للفقراء، إذ يُمكن التصدق بها على المسلمين المحتاجين.
أحاديث عن الأضحية
في حديث البراء بن عازب الوارد في الموطأ والسنن، مرفوعًا: “لا يضحي بالعرجاء بين ظلعها، ولا العوراء بين عورتها، ولا بالمريضة بين مرضها، ولا بالعجوز التي لا تنقي.”
لا يوجد خلاف بين الفقهاء حول الأربع عيوب المذكورة في هذا الحديث، حيث يُعتبر كل ما ينتمي إلى هذه الفئة ممنوعًا، وبالتالي يُحظر التضحية بالعوراء أو العمياء أو العرجاء.
الأنعام المسموح التضحية بها
يمكن للمسلم أن يضحي بأحد الحيوانات الأربعة المعتبرة لذلك، وهي الغنم والمعز والإبل والأبقار، وهذا متفق عليه بين العلماء، لكن توجد بعض الاختلافات حول الأفضلية. فقد فضّل الإمام الشافعي التضحية بالإبل أولاً ثم البقر، وفي النهاية الكباش، في حين أن الإمام مالك رأى العكس، وقدم الأضحية بالكباش أولاً، وفقًا للقصة التي تشير إلى فداء الله لنبي الله إسماعيل عليه السلام بذبح عظيم، مما يجعل التضحية باللحم هي الأفضل.