ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “إذا كانت أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين”، فما هي صحة هذا الحديث وما هي معانيه والدروس المستفادة منه؟ سنستعرض ذلك بالتفصيل في هذا المقال، لذا تابعوا معنا.
محتويات
إذا كانت أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين
أخرج الإمام الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب”.
بينما قد يبدو لنا أن هذه المسألة خارج نطاق رؤيتنا أو تأكيدنا، إلا أننا نؤمن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صادقًا في أقواله، وكل ما صدر عنه هو حق بإذن الله. وعندما يتأمل المسلم في هذه القضية بعمق، سيجد أنها طبيعية وغير مبالغ فيها. فشهر رمضان المبارك يعد زمنًا للتقرب إلى الله، حيث يسعى المسلم جاهدًا للخروج من هذا الشهر المبارك خاليًا من الذنوب والآثام، مما يؤدي إلى زيادة العتقاء من النيران ويصبح الجنة مصيره.
لذا، فإن هذا الشهر يتميز بتقليص الأعمال الشريرة، إذ يمنع الله الشيطان من إلحاق الأذى بالبشر، مما يحوّل الصراع إلى تحدي كبير بين الإنسان ونفسه. والمطلوب من المسلم هو أن يتغلب على هذه النفس لكي يحقق الانتصار.
قد تتساءل الآن: كيف يتم تقييد الشياطين في شهر رمضان بينما لا يزال هناك الكثير من الفسق والفجور؟ هل يمكن أن تمر الأمور كما هو الحال في الأيام العادية؟
معنى تصفيد الشياطين
من المهم أن ندرك أن هذه المسائل من الغيبيات التي لا يمكن التحقق منها بشكل ملموس، ولكن يجب علينا الإيمان بكل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ إنه لا يتحدث عن الهوى. مما يعني أن العديد من المسلمين، حتى أولئك الذين يرتكبون الذنوب، يبذلون جهودهم في هذا الشهر المبارك. ومع ذلك، ذلك لا يعني أن الشر قد انقطع تمامًا، بل إنه لا يزال موجودًا لكنها تقل حدته خلال هذا الشهر الفضيل. يجب ألا نغفل أيضاً عن أن النفس الإنسانية تميل إلى الانغماس في الشر، ويمكن أن تقع في الذنوب حتى دون إغواء من الشياطين.
كما ذكر الشيخ ابن عثيمين، فإن تصفيد الشياطين في شهر رمضان هو بمثابة نعمة من الله تعالى تساعد عباده على الالتزام بالطاعات، لذا نجد أن المؤمنين يقتربون من رمضان برغبة أكبر مقارنة ببقية الأشهر.
وهكذا، يتضح لنا أن الرحمة الإلهية تمنحنا الدعم لمواصلتنا في الطاعة والعبادة، خاصة خلال شهر رمضان حيث نستفيد من بركاته الروحية التي تُنعش إيماننا وتزيد من درجاتنا. ومع ذلك، فإن الله يترك لنا مجالاً لنواجه وسوسة الشياطين التي تحاول جذبنا إلى الشهوات والذنوب. فإذا تمكنا من تجاوز أنفسنا، فإننا سنحقق الفوز، وإلا، فقد نغادر هذا الشهر كما دخلنا. والله تعالى أعلم.